- في خطوة مفاجئة لا تخلو من الغرابة، أصدر اتحاد كرة القدم قراراً يقضي بتحديد عدد المحترفين الأجانب في كشوفات الأندية بعشرة فقط، دون أن يكلّف نفسه عناء شرح المبررات، أو توضيح خلفيات القرار، أو حتى الإشارة إلى دراسة فنية تبرّر هذا الحد الأقصى
- نعم من حق الاتحاد أن يُنظّم ويحدّد، لكن حين يكون الأمر متعلقًا بالبنية التنافسية والدعائم الفنية للأندية، فإن هذا الحق يجب أن يُمارَس بعقلية المسؤول لا بمزاجية المتسلط
- لا أحد يعلم لماذا الرقم (10) تحديدًا؟ لماذا ليس تسعة أو اثني عشر؟ ما أصل الفكرة ومنطقها؟ وما هي التجربة التي إستند عليها الاتحاد ليصل إلى هذا الرقم؟
- الأدهى من ذلك، أن الواقع يكشف نوايا القرار دون الحاجة لتأويلات، فالهلال وحده دون سائر الأندية هو من يملك هذا العدد من الأجانب، مما يجعل القرار يبدو وكأنه خُطّ بالحبر الأزرق… لاستهداف الأزرق!
- ثم يأتي التوقيت ليُزيد الشكوك ويضع القرار في دائرة الاتهام لماذا الآن؟ لماذا بعد أن أتم الهلال تعاقداته وقطع شوطاً كبيراً في إعداد فريقه للموسم المقبل؟ ألا يُفترض بالاتحاد أن يراعي السياق الزمني ويمنح الأندية فترة انتقالية لتوفيق أوضاعها؟ أم أن المسألة لا علاقة لها بالتنظيم، بل بالرغبة في إرباك الهلال وعرقلة مشروعه الطموح؟
- الهلال وعلى مدى السنوات الماضية، لم يتعامل مع ملف المحترفين بمنطق التكديس، بل وضع خطة ممنهجة تهدف لتكوين فريق قادر على منازلة كبار القارة والسير بثبات في طريق البطولات الافريقية ، وظلّ يعمل بصمت، يراقب ويراقب، يختار بعناية، ويستقدم بعقلية الأندية الكبرى، فهل يُعقل أن يُعاقَب على الطموح؟!
- اللافت أن الاتحاد لم يقدم شيئًا يُذكر للاعب الوطني الذي يدّعي حمايته بهذا القرار لا برامج تطوير، لا بيئة تنافسية، لا إعداد ولا خطط، أما الهلال، فهو يتحمل وحده تكلفة استقدام محترفيه، ويدفع من جيبه لتكوين فريق ينافس باسم السودان في المحافل القارية
- بينما الأندية الافريقية المنافسة تجد دعمًا مباشرًا من إتحاداتها الوطنية، ومع ذلك لا أحد يجرؤ على تقييدها أو مصادرة خياراتها!
- بل لنذهب أبعد من ذلك حين كان الدوري السوداني محصورًا باللاعبين المحليين فقط، لم نشهد أي تطور حقيقي، لا الدوري تقدّم، ولا اللاعب الوطني تحسّن، ولا المنتخب حقق نتائج تُذكر، فما الذي نخسره إن جرّبنا طريقًا مختلفًا؟
- الكرة السودانية ليست في موقع يسمح لها بالتشبث بالماضي، بل تحتاج إلى قفزات مختلفة ولو بالمخاطرة! فهي لا تملك ما تخسره حاليا
- كان على الاتحاد، إن أراد أن يكون محترماً ومقنعاً، أن يقيم ورشًا فنية لتقييم تجربة المحترفين، يشرك فيها الأندية، ويسمع من الفنيين، ويخرج بتوصيات علمية تُبنى عليها القرارات، أما أن يُترك الباب مفتوحًا ثم يُغلق فجأة، فذلك ليس تنظيمًا، بل عبث وعشوائية
دعونا نكون واضحين كثرة المحترفين في الدوري لا تعني تهميش اللاعب المحلي، بل تعني رفع مستوى التنافس فحين يجد اللاعب المحلي نفسه محاطًا بلاعبين قادمين من مدارس كروية مختلفة، سيضطر أن يُضاعف مجهوده ويطوّر نفسه ليحجز مكانه، وهكذا فقط نتقدم لا بالقرارات الانفعالية التي تصادر الطموحات وتُربك الجادين - لسنا ندري لماذا يُصرّ الإتحاد على معاداة أنديته، وبشكل خاص الهلال؟ لكنه إن استمر على هذا النهج، فليتأكد أنه لا يُحارب الهلال وحده، بل يُحارب فكرة الاحتراف نفسها، ويغلق الباب أمام أمل التطور الكروي الحقيقي في السودان
- بل على الاتحاد ألا يتناسى أن بصمة المحترفين الأجانب وخاصة في الهلال كانت واضحة وجلية في السنوات الأخيرة، وساهمت في تحقيق نتائج مشرّفة لكرة القدم السودانية على مستوى القارة
- فبدلاً من التضييق على هذا التوجه الناجح، كان الأولى أن يُدعّم ويُستثمر فيه، لا أن يُجهض بقرارات لا تُبنى على تقييم موضوعي أو مصلحة وطنية حقيقية
-26 أغسطس، 2025