إنه الهلال!!

فاز الهلال على الميرغني وسجّل الغربال هدفين جميلين، لكن النتيجة لم تكن القصة الوحيدة في المباراة، بل كانت مجرّد عنوان، أما التفاصيل فكانت في الأداء، في الروح، في ذلك الشعور العميق بأن فريقًا يعرف ماذا يريد، ويعرف كيف يبدأ حين تكون البداية أهم من أي شيء
⁠من عادة الفرق الكبيرة أن تتعثر في أولى خطواتها، أن تبحث عن التوازن وسط ضغط التوقعات وصخب البدايات، لكن الهلال كسر القاعدة وتقدّم إلى الملعب وكأنه جاء مستعد بكل قواه للبطولة، لعب بثقة، وتحرّك بإنضباط، وقدم مباراة مقنعة تجاوز بها مطب البدايات وصعوباتها المعتادة، لم يكن فوزاً عبثياً بل انتصاراً واثقاً في توقيته ومعناه
⁠ما فعله الغربال في هذه المباراة لا يُقرأ من الهدفين فقط، بل من طريقة تعامله مع الكرات، من إحساسه بالمكان، من توقيته الذي بدأ كما لو أنه يسمع أنفاس المدافعين هدفان في مباراة أولى ليس فقط رقمين، بل رسالة مبكرة من لاعب يعرف أنه مطالب بأن يكون الواجهة، فكان كذلك سجل ببرود الكبار، واحتفل بتواضع العارف بقيمة اللحظة..
⁠والحديث عن الهلال لا يكتمل دون التوقف عند الغيابات الكبيرة التي ضربت جسد الفريق، لكنها لم تمسّ روحه، غيابات بالجملة، لكنها لم تُقرأ على أرض الملعب، لأن من دخلوا ارتدوا القميص كما يجب أن يُرتدى، بتركيز وحماس وشعور عالٍ بالمسؤولية
⁠لم نر فريقاً ناقصاً، بل فريقاً مكتملاً بمعناه، وليس بعدده وهذه ميزة لا تمنحها التمارين فقط، بل تمنحها الثقافة الجماعية، تلك التي تجعلك تلعب وكأنك لا تريد تعويض أحد، بل تريد أن تكون أنت
⁠الميرغني لم يكن صيداً سهلاً، ولا خصماً هامشياً، لعب بشجاعة، و لم يتخل عن اناقته المعروفة، نازع الهلال في وسط الميدان، وهاجم في الشوط الثاني بكل ما يملك، لكنه إصطدم بيقظة الدفاع الأزرق وثبات الحارس، وقد كان الهلال متماسكًا كما يجب و مركزًا كما ينبغي
⁠الدفاع، كما الهجوم، كان في الموعد، لا إرتباك في التغطية، لا مجازفة في التقدم، ولا مساحات مهداة للخصم، الحارس تعامل مع الكرات بثبات مريح، والمدافعون تصرفوا كما لو أنهم يلعبون معًا منذ بداية الموسم، لا في إفتتاح مرحلة النخبة، وهذا هو الفارق حين يتحول الفريق إلى منظومة، لا إلى أفراد
⁠هذا الفوز ليس مجرد ثلاث نقاط تُضاف إلى الرصيد، بل هو نقطة تحول نفسية، رسالة اطمئنان لجمهور كان يراقب من بعيد، ويخشى من مفاجآت البدايات
⁠الآن الصورة أوضح، والطريق أمام الهلال بات معبداً ببداية جيدة، قد لا تكون مثالية من حيث التفاصيل الصغيرة، لكنها مثالية من حيث الجوهر فريق يلعب بروح البطل، ويتصرف بمسؤولية الفريق الكبير
⁠الهلال امام الميرغني الانيق لم يكسب مباراة فقط، بل كسب شيئًا أغلى يتمثل في الثقة، وهي حين تُكتسب من الجولة الأولى تتحول إلى وقود يُحرّك الفريق حتى النهاية
⁠لا يزال الطريق طويلاً، والمباريات المقبلة ستضع الهلال أمام إختبارات أكثر صعوبة، لكن الأهم أن البداية لم تأتِ متعثرة بل جاءت واضحة، منظمة، ومبشرة