- تتوق النفوسُ في السودان كما تتوقُ الأرضُ الجدباءُ للمطرِ، لعودةِ الدوري والمبارياتِ وهديرِ الجماهيرِ في المدرجاتِ، جميعُنا يحلمُ بتلك اللحظاتِ التي تُعيدُ للروحِ الرياضيةِ ألقَها، وتُنسينا ولو قليلًا وطأةَ الظروفِ الراهنةِ
- لكن بين هذا التمني وبين واقعِ الحالِ، تقفُ عقباتٌ كبيرةٌ، تُنذرُ بأن طريقَ دوري النخبةِ المقترحِ من اتحادِ الكرةِ سيكونُ وعرًا ومليئًا بالتحدياتِ
- الناظرُ إلى المشهدِ الرياضيِّ السودانيِّ يجدُ أن أولى هذه العقباتِ تتمثلُ في الاتحادِ نفسِه فقد بدأ واضحاً للعيانِ حالةٌ من عدمِ الانسجامِ والاضطرابِ تُسيطرُ على أروقتِه، هذا الوضعُ أثارَ قلقَ الأنديةِ وعلى رأسِها قطبا القمةِ اللذان عبَّرا عن شكوكِهما العميقةِ في قدرةِ الاتحادِ على تنظيمِ بطولةٍ بمستوىً يليقُ بتطلعاتِ الجماهيرِ، فكيف يمكنُ الوثوقُ بمن يقودُ سفينةَ المسابقةِ وهو يبدو مترنحاً؟
- أما العقبةُ الثانيةُ فتتمثلُ في النجومِ المحترفينَ الذين يُزينونَ صفوفَ الهلالِ والمريخِ من، الصعبِ بل يكادُ يكونُ مستحيلًا، إقناعُ هؤلاءِ اللاعبينَ بالعودةِ إلى السودانِ في ظلِّ الأوضاعِ الأمنيةِ غيرِ المستقرةِ التي يعلمُها القاصي والداني، وإذا ما تمَّتِ المشاركةُ فستكونُ في غالبِ الظنِّ أداءً لواجبٍ شكليٍّ، لا يرقى إلى تحقيقِ الغرضِ المنشودِ من الدورياتِ القويةِ والمثيرة
- التحدياتُ الأمنيةُ تفرضُ نفسَها بقوةٍ كثالثِ العقباتِ، فمن البديهيِّ أن تأمينَ المبارياتِ في ظلِّ الظروفِ الراهنةِ سيرفعُ من التكاليفِ بشكلٍ كبيرٍ، هذا إن لم يُعرقلْ إقامتَها بالأساسِ، كما أن المخاوفَ الأمنيةَ ستقللُ حتمًا من الحضورِ الجماهيريِّ، وهو ما سيُضعفُ العائدَ الماديَّ المتوقعَ إن وُجدَ ولا يخفى على أحدٍ أن الأنديةَ السودانيةَ باستثناءِ الهلالِ والمريخِ تُعاني أصلًا من ظروفٍ ماليةٍ قاسيةٍ للغايةِ، فكيف لها أن تتحملَ أعباءً إضافيةً؟
- رابعاً ، لا يمكنُ تجاهلُ فترةِ الابتعادِ الطويلةِ للأنديةِ عن أجواءِ المنافساتِ القويةِ، هذا الغيابُ سيُؤثرُ سلبًا على المستوى الفنيِّ العامِّ للدوري، وبالتالي يُفقدهُ الجاذبيةَ ممَّا يُؤثرُ سلبًا على الرعاياتِ، ويُقللُ من الفائدةِ الكليةِ المرجوةِ، إذا قام من غيرِ إعدادٍ وبطريقةِ (اخنق فطس!) فهل نريدُ دوريًا باهتًا يفقدُ بريقَهُ وتنافسيتَهُ؟
- لا شكَّ أن عودةَ النشاطِ الرياضيِّ هي أمنيةٌ مشتركةٌ، لكن التساؤلَ الذي يطرحُ نفسَهُ بإلحاحٍ لماذا هذا الإصرارُ من جانبِ الاتحادِ دونَ السماعِ للأنديةِ صاحبةِ الشأنِ؟ ورغمَ أن الظروفَ الموضوعيةَ لا تزالُ غيرَ مواتيةٍ لإطلاقِ دوري نخبةٍ ناجحٍ ومفيدٍ للجميعِ
- في هذا السياقِ، يبدو الترددُ والضبابيةُ التي تكتنفُ موقفَ الهلالِ والمريخِ أمرًا مشروعًا تمامًا و من حقِّهما الطبيعيِّ دراسةُ وتقييمُ الوضعِ الراهنِ بعنايةٍ فائقةٍ، واتخاذُ موقفٍ يضمنُ مصالحَهما، بل إن التقاربَ بين قطبي القمةِ في هذا الملفِ يبدو ضروريًّا ويصبُّ في مصلحتِهما المشتركةِ، فإذا ما اتفقتْ كلمتُهما، سيجدُ الاتحادُ نفسَهُ مجبرًا على الانصياعِ لرغبتِهما، وهذا ما قد يحمي الكرةَ السودانيةَ من قراراتٍ متسرعةٍ وغيرِ مدروسةٍ من قبلِ اتحادٍ لا ينظرُ إلا إلى مصالحِه
- إن التخبطَ الذي أظهرَهُ الاتحادُ مؤخرًا يُثيرُ علاماتِ استفهامٍ كبيرةً، ويدعو للتساؤلِ عما إذا كان الاتحادُ ينظرُ إلى مصالحِ أنديتِهِ في هذا التوقيتِ الصعبِ ام لا!
- يبدو للبعضِ أن الاتحادَ يعملُ بطريقةٍ فرديةٍ، ربما ينظرُ لإقناعِ جهاتٍ معينةٍ حتي لو أتى الدوري شكليٍّ (أهو دورينا شغال!) بغضِّ النظرِ عن المصلحةِ العامةِ للكرةِ السودانيةِ وأنديتِها وسلامةِ جماهيرِها
- نحن جميعًا نريدُ دوريًا يعودُ بالفائدةِ الحقيقيةِ على كلِّ الأطرافِ، دوريًا قويًّا ومثيرًا يجذبُ الجماهيرَ ويُعيدُ الألقَ للملاعبِ السودانيةِ، ولسنا بحاجةٍ إلى مجردِ بطولةٍ (مُرقعة) لها هدفٌ واحدٌ وهو (تبريرُ الفواتيرِ!) دونَ النظرِ لرهقِ الأنديةِ والضعفِ المتوقعِ للمنافسةِ
- الكرةُ السودانيةُ تستحقُّ أكثرَ من ذلكَ، ولابدَّ أن تعملَ قيادةُ الاتحادِ بجدٍّ أولًا لتقنعَ الجميعَ بجدارتِها، وأن تُزيلَ الشكوكَ المشروعةَ من دوافعِها من قيامِ الدوري
باص قاتل
شغل السمكرة ياهو المرجعنا وراء!!