* الهلال والمريخ ليسا مجرد ناديين في ذاكرة الرياضة السودانية، بل هما أيقونتان صنعتا تاريخ الكرة وملأتا مدرجاتها بالندية والإثارة لعقود طويلة
* التنافس بينهما لم يكن مجرد مباريات، بل كان مدرسة كاملة في الإبداع، يعلو فيها صوت الأزرق تارة، ويستعيد الأحمر هيبته تارة أخرى، هذه الندية هي التي صنعت بريق الكرة السودانية، وهي التي منحت القمة مكانتها التي لا ينازعها عليها أحد
* لكن المؤسف أن ملامح هذا التنافس بدأت تتلاشى، بعدما إختار المريخ أن يتنازل عن دوره كمنافس حقيقي، ليكتفي بدور (المُقلِّد) لخطوات الهلال
* نعم الهلال يقرر والمريخ يتبعه، الهلال يبتكر والمريخ يقلد، حتى اصبح المشهد أشبه بظل يتبع أصله دون روح أو شخصية
* عندما اختار الهلال السرية في التسجيلات، لم تمضِ أيام حتى أعلن المريخ أنه سيسير بذات النهج، وحينما قرر الهلال الابتعاد عن الإعلام لإدارة شؤونه بهدوء، وجدنا المريخ يسحب نفسه ايضاً من الواجهة، وكأن ما يفعله الهلال هو فرض عين على المريخ، وحتى في ملف الأجهزة الفنية، ما إن غيّر الهلال مدربه حتى لحق به المريخ باحثاً عن مدربه السابق وكأنه يخشى أن يتأخر في سباق الإقالات
* المشهد يتكرر في كل شئ تقريباً، كذلك الهلال يجهّز معسكره بدقة، فيخرج المريخ ليعلن معسكراً شبيهاً في مكان قريب
* لا يضيف جديداً سوى أنه نسخة أقل بريقاً من الأصل، وحتى في إدارة العلاقة مع الجماهير حين كتم الهلال أوراقه، وضع المريخ القفل على فمه
* المفارقة أن إستمرار هذا النهج لا يهدد فقط صورة المريخ كنادٍ عريق، بل قد يحرمه حتى من مقعد الوصافة الذي ارتبط به لعقود، وإذا حدث ذلك فسيكون الهلال مضطراً للبحث عن وصيف جديد… وربما لا يجد سوى وصيف بالذكاء الاصطناعي ليصنع بعض الإثارة التي غابت بسبب طريقة المحاكاة العقيمة
* كرة القدم السودانية تحتاج إلى منافسة حقيقية، لا إلى نسخة كربونية من الهلال، الجماهير تريد الندية، تريد فريقين يقدمان الإبداع والتحدي، لا فريقاً يبتكر وآخر يكتفي بالتقليد
* الهلال الآن في المقدمة، والمريخ اكتفى بمقعد المتابعة المباشرة وما لم يستعد شخصيته ويعود إلى لعب دوره الطبيعي، فستبقى قصته في خانة الكوميديا السوداء، يضحك منها الخصوم قبل الانصار باص قاتل قلدني وتعلم من فنون شطارتي !!