- في تاريخ الشعوب تأتي لحظات فارقة و هناك أيام تُكتب بماء الذهب، لا لأنها مجرد تواريخ، بل لأنها تختزل في طياتها روح أمة وعمق تضحياتها وعظمة تلاحمها
- بالأمس عشنا لحظة تحرير الخرطوم على يد قواتنا المسلحة الباسلة وكانت إحدى هذه الأيام الخالدة، التي لم تُحرر فيها أرض فحسب، بل حُررت أرواح وأعيدت كرامة وتجدد أمل في غدٍ أجمل، لم يكن الأمر مجرد إنتصار عسكري بل كان تجسيداً أسطورياً للوحدة الوطنية وتأكيداً على أن هذا الشعب مهما تآمر عليه المتآمرون، يمتلك قوة كامنة تظهر في أحلك الظروف وتقبض بيد من حديد علي زمام الامور
- لقد كانت الخرطوم التي احسنت الظن بالجميع واحتضنتهم بقلب مفتوح ترقد آمنة مطمئنة، ولكن غدر بها من آوتهم و اطعمتهم لانهم قابلوا ذلك الإحسان السخي بأن وضعوها تحت وطأة العدوان ظناً منهم ان سيطالون مجدها ولكن هيهات فقد خاب مساعهم وخرج من تبقي منهم خائبين ومذعورين!
- في تلك اللحظات الفاصلة إلتحم الجسد الواحد الشعب بآماله وعزيمته، والقوات المسلحة ببسالتها وإنضباطها، وما أن بزغت شمس التحرير حتى تجلى هذا التلاحم في أبهى صوره فالقوات المسلحة التي خرجت من رحم هذا الشعب أثبتت أنها درعه الحصين وسيفه البتار في وجه كل من تسول له نفسه المساس بأمن الوطن وكرامته، هذا الجيش العظيم الذي تحمل تبعات الصمت والصبر طويلاً انتفض بشرف وكسر قيود اليأس، وقدم دروساً في الفداء والتضحية، وفي المقابل كان الشعب هو الحاضنة والداعم فقد حمل الأمل ودعم بالإسناد المعنوي وباليقين المطلق في قدرة أبنائه على إستعادة الحق لذلك اتي الفرح العارم و عمت الإحتفالات كل ربوع البلاد، حيث كانت بمثابة شهادة حية على هذا التلاحم المقدس، شهادة بأن الدم الذي سال على تراب الخرطوم كان دماً واحداً إمتزج فيه عرق جنودنا البواسل بدموع الفرح من المواطن، ليصنعا معاً فجراً جديداً
- نعم التحرير إنجازاً عسكرياً باذخاً،و هو ثمرة إيمان مشترك بأن الوطن خط أحمر لا يُمس، وأن الخرطوم عادت إلى أهلها مرفوعة الرأس بعزيمة شعبها وقوة جيشها معلم الجيوش
- بتحرير الخرطوم لم يُرفع عنها عبء العدوان فحسب، بل بدأت صفحة جديدة تُطوى فيها آلام الماضي، وتُخطط فيها ملامح المستقبل لإن الحياة بعد التحرير ليست مجرد عودة للوضع الطبيعي، بل هي فرصة تاريخية لإعادة البناء، لا للمباني المدمرة فحسب، بل للنسيج الاجتماعي وللروح الوطنية، وبعد أن عادت الخرطوم إلى أحضان الوطن سالمة يتوجب علينا جميعاً شعباً وجيشاً أن نُعلي قيم الوحدة والعمل المشترك حتي نري بلادنا متقدمة و بما يليق بعظمة شعبنا
- إن هذا النصر العسكري هو نقطة إنطلاق لنهضة شاملة تتطلب منا جميعاً إعادة إعمار ما دمرته أيادي العبث، ليس فقط الأحياء والمؤسسات، بل أيضاً الثقة والأمل في نفوس المتضررين، كما يلزم تعزيز الأمن والإستقرار ليتمكن الناس من العودة إلى حياتهم الطبيعية، وحتي تستعيد المدن حركتها وانشطتها الاقتصادية والاجتماعية والرياضية وغيرها
- ويبقي من الضروري التركيز على بناء المستقبل بذات التلاحم، لتكون الخرطوم ومعها كل السودان نموذجاً للقدرة على التعافي والنهوض من أعتى الأزمات إلى تحقيق مبتغي الغايات
- إن تحرير الخرطوم هو أكثر من مجرد حدث عسكري، إنه رسالة عميقة بأن السودان بوحدة شعبه وقوة جيشه قادر على تجاوز التحديات وأن الفجر مهما طال ليل الظلم آتٍ لا محالة، ونحن واثقون باننا على قدر هذا التحدي
- وبهذا بالتحرير التاريخي الفخيم قد بدأت مسيرة طويلة من البناء والرخاء تليق بعظمة هذا الوطن وشعبه الأبي
- مبروووووك لقواتنا المسلحة الباسلة ولشعبنا العظيم والقادم أجمل بمشيئة الله
باص قاتل
الحمد لله الذي اخرج من الخرطوم الأذى وعافاها !!